الأحد، 8 يناير 2012

حوار مع الفنان التشكيلي عز الدين نجيب
















مثل مالعب القدر لعبته .. وشب الحريق فى مرسمه واجريت معه حوار حول الحريق فى شهر يناير 2011 وبالتحديديوم الثلاثاء 19 \1\ 2011 اى قبيل اندلاع شرارة الثورة بستة ايام .. فى هذا اليوم بالذات قمت بتسليم الحوار مع الفنان التشكيلى عز الدين نجيب لمدير التحرير الاستاذ سالم الحافى بجريدة العاصمة والتى كانت تصدر عن محافظة القاهرة حين ذاك والتى توقفت عن الصدور مطلع الثورة وتوقف معها نشرهذا الحوار حتى جاء ذات الالقدر ولعب لعبتةالرائعة معى انا شخصيا وانشئت مدونة خاصة بى لا نشر بها كل الموضوعات التى اريد ان انشرها بدون تدخل من اى قلم سلطوى يفرد عضلاته على حوار او تحليل لمعرض لاياتى على هواه . لذا اقدم اعتذارى للفنان عز الدين نجيب عن تأ خير نشر الحوار وها هو الحوار انشره فى مدونة الدهماء بدون حذف .
عز الدين نجيب  
مطالبى فى الحياة قليلة ، سقف تطلعاتى المادية شديد الانخفاض.
حريق هائل يلتهم اللوحات الخاصة بالفنان .
لاانظر باْستعلاء الى البسطاء .
انا فى ( البلاك .. لست ) فى نظر السلطة ومن المغضوب عليهم
...فى  حالة د راما تيكية لفنان كان يتاْ هب لا فتتاح معرضه الاخير ..شب حريق هائل قضاء وقدر وكاْ نه انذار لنهاية مرحلة فى حياتة الفنية ولبداية مرحلة جديدة يمكن القول عنها من التجديد والتحديث الفنى فى التناول الابداعى ..لذلك ..فضلنا ان نسمع منه الى محدث تلك الليلة الغبراء واليكم الحوار....
* ما هو وصفك للحظة شعورك باندلاع الحريق ؟
= طبعا..فى الاول دهشة ..ماذا جرى ؟ لان لم يكن يخطر ببالى ان يحدث شىء كهذا ..لانى لم اعش فى حياتى من قبل الحرائق...وكنت اراها من الخارج فقط كمشاهد عادى ولكن ان اتواجدجواها هذه لم تكن ضمن حساباتى – فكانت كالصاعقة ، وانا ارى هذا تخيلت ان الدخان ياْ تى من الخارج لانه يوجد مطبخ فى الشقة التى امامى يطل على منور وكان لحظتها مفتوح لانى اسكن فى الدور الارضى والشباك مفتوح ويوجد منورين واحد ناحية المرسم والاخر ناحية الصور ، فتصورت ان الدخان هذا الدخان الكثيف ياْتى من اندلاع حيقة فى الشارع فكان كل تفكيرى للخارج ..فوجئت بالنار من الداخل . لحظتها صوعقت واللحظة التى بعدها كانت حاله من الجنون انى تصورت باْ مكانى أ وقف ا لنار فكنت ادخل بجسمى واحاول اطفائها باى شىء امامى وكنت ارى قطع الوحات تتساقطمن فوق وهى مشتعلة مثل الحمم ...اسرعت احضر ماء لاطفىء به النار ولكنكنت اشعر ان النا ر تشتعل اكثروتزيد اشتعالا بسبب وجود الزيوت ..خرجت فى حالة لا يمكن ان تتخيلها ..حاولت استنجد باى فرد موجود وانتظرت ربع ساعة حتى جاء البواب والجيران استيقظت من نومهاونزلت وعددهم يمثل 20 % من عددالسكان الذين يسكنون العمارةوهم قليلون لان العمارة حديثة .. *فى اى منطقة تقع العمارة ؟ - ملتقى جسر السويس مع حدائق القبة خلف قصر الطاهرة..وهى منطقة عدد سكانها قليلة ومعظمها فيلات وفى هذا التوقيت المتاْخر من الليل والجو شتاء الساعة اثنان ونصف صباحا لايجد احد فى الشارع وعلى ماسمعوا ...الكل كانو فى خاطرهم ان ينجوا باولادهم ويجروا للخارج..الى اتصل احد السكان بالمطافىء وجاءت بعد نصف ساعة من لحظة ماقمت وربما قبل مااقوم كمان بربع ساعة قمت وجدتها بالفعل معنى هذا ان من نصف ساعة الى 45 دقيقة النارمشتعلة .
 *هل كنت بمفردك بالشقة ؟
- آ ه .. كنت لوحدى طبعا وهو اتيليه ومجهز كاشقة لان بيتى فى مكان آخر...يجمعنى مع الاسرة لكن مقيم هناك كمعسكر لانى بأ عد واجهز للمعرض الذى سيتم افتتاحه فى شهر يناير. والمرسم مجهزبحجرة نوم مستقلة وحجرة صا لون وهما انقذا باقى اللوحات الجديدة .
 هل كنت محتفظ  باللوحات المنتهية لوحدها ؟
 = طبعا اللوحات التى كنت انتهى منها اول باول اشيلها ما عدا اللوحات التى اشتغل فيهم ولكن احضرت 15 لوحه من اجل التشطيبات واللمسات الاخيرة وهؤلاء راحوا مع الحريق الى جانب بقى الاشياء كلها  الالوان ..والفرش والزيوت وطبعا المكتبة كانت تحتوى على كل كتب الفن والفلسفة والادب والنقد الابداع الفنى وكانت كلها من هذه الكتب وعندى كتب فى الفن التشكيلى والادب والشعر والموسيقى والفلسفة والسياسة وايضا مراجع اجنبية ضخمة جدا كنت احضرتها من كل بلد قمت بزيارتها فى العالم ..كل هذا راح مع الحريق .
 * ما هو القرار الذى اتخذته ثانى يوم الحريق ؟
 = اتصلت باتيليه القاهرة من اجل حجز مكان للعرض..
  *امازلت مستمر ؟
= ليس موضوع انى مستمر ولكنه دفاع لانه كما لو كان حصل نوع من الغزو المدمر ..نتيجته الطبيعية  الهزيمة والانكسار والاستسلام.خلاص ماذا تبقى لك ؟ الذى جعلنى اتحدى انى افتح المعرض فى ميعاده ..وهذا هو التحدى
 *هل يوجد سبب لهذا الاسرار والتحدى لظروفك ؟
 = هذا يجعلنى اقف على قدمى من جديد ولااشعر بالهزيمة وبالفعل من اول مانتهيت بدات فى اتخاذ القرار وبدات نفسى تصفو وهدئت وارتحت نفسيا واصبح امامى هدف اعمل من اجله
 * ماهو نصيب الحزن فى تلك الليلة الحزينة ؟
 = الاحساس بالحزن يزيد عندما تكون متفرغ له بالبكاءعلى مافات انما عندما تكون رسمت هدف جديد او تواجت امامك طاقة امل ..مشفوعة بمعنى تانى ..هى منحة حياة جديدة لان انا المفروض دلوقتى ( ميت) ! وبدل ما اكون ميت خرجت سليم وانا لااطيق ان اعيش مشوها او عاجزا وكون انا خرجت من الحريق سليم وغير مصاب اصبحت  منحة جميلة حمدت ربنا عليها جدا ..
 * ماهو استثمار هذه المنحة الجميلة ؟
 = استثمارها على طول فى المعرض انى ابدا اشتغل وارسم انى اشتغل وارسم مرحلة ثانية .
 * هل شكل المرحلة القادمة ستتغير رؤيتها بعد الحريق؟
 = انا لااعرف ماذا سيكون شكلها بالضبط ؟ لكن بالتأكيد ستكون مختلفة  عن المرحلة السابقة  لان الفنان داخله عمليات معقدة  ةومركبة جدا مثل الكومبيوتر  وتبحث عن البرنامج الصحيح لكى تصل لما تريد ..لااعرف ( الكود ) الذى ادخل به على المرحة الجديدة .
 *هل الخسارة المادية تحزنك ؟
 =لا.. اطلاقا ..لان جربت .. ومن اسباب صمودى انى واجهت مثل هذه المحن ليست بالضرورة تكون محنة حريق لكن قد تكون محنة اعتقال ..محنة فصل من عملى ..
 * حدثنى عن هذه المحن التى مرت بحياتك ؟
 = مثلا عشرات من المواقف مثل تحطيم مرسمى وتحطيم لوحاتى فى قصر المسافر خان عام 1976 .
 * ما السبب؟
 = امن الدولة  يعنى مؤامرة تمت لتدميرى وحدث استدعاء لى لاكون بعيدا .. لتحطيم المعرض فى غيابى ولم تنجو لوحة واحدة منهم ثم بعدها فصلى من العمل لمدة ثلاث سنوات واخذت حكم من المحكمة وعودت للعمل مرة اخرى وحدث اشياء متعددة مثل اعتقالى لاسباب سياسية .
* ماهى هذه الاسباب ؟
 = بسبب آرائى من خلاللوحاتى ..وهم حبوا يكسروا قلبى فى اعزما املك وهى لوحاتى من اجل ان لا اعاود مرة اخرى .
*هل توجد علاقة بين الماضى والحاضر ؟
= لا..العلاقة تشابة ( الاكشن ) لكن الظروف مختلفة  .
  *كيف كانت الظروف  مختلفة ؟
 = اولا فى الماضى كانت مدبرة ..وفى الحاضر كانتقضاء وقدرتكسير لوحات والثانية حريق ..والفرق هناك فيه عدو تستطيع ان توجه اليه غضبك..وكنت غاضب من اجل هذا انا لم ارسم  بعدها لفترة حتى تماسكت .
 * متى عاد التوازن الى نفسك مرة اخرى ؟
= اعادت التوازن الى نفسى بالرسم وبالمحكمة وبالقضاء والراى العام ..اذن انا املك فى يدى سلطان حياتى ومقاومة هذا العدوان ونجحت وانتصرت بشكل يفوق التخيل لان اشتغلت وانتجت اكثر واصبحت فاعل فى العملالعام والسياسى اكثر.
 * هل كنت تشعر ان لك اعداء ؟
= طبعا الذين فعلوا هذا وادخلونى السجن وجعلونى اضرب عن الطعام 14 يوم داخل السجن من اجل ان اقول لماذا انتم اعتقلتونى.
  * هل كنت معترض على النظام ؟
 = كنت معترض على قهر الانسان ..على غياب العدل على حال الوطن الذى تحول الى سلعة تباع الى الصهاينة ..مقايضة رخيصة ..وهذه حالة وطنية .
 * هل ترى الان الحالة اكثر سواد ؟
 = الحالة الآن انهيار مطلق لدرجة اسوء من الضباب ..يعنى فى الاول كانت سيئة جدا تعلم وتعرف من هو الخصم الذى توجه اليه غضبك ..
 *هل هذا انعكس فى لوحاتك ؟
 =انعكس ولكن بشكل غير مباشر غير قصدى لانى ضد القصدية فى الفن وهو ان الفن يتحول الى وسيلة اعلان او رسالة مباشرة ..الفن حالة انسانية ومعنوية وجمالية ولابد ان يكون جميلا وهذا ظهر فى الفتاه التى تريد ان تطير وتحلق للمستقبل والاشخاص المتصارعين للوصول الى القمة ويتطاحنوابعضهم البعض كل هذه الاشياء كانت فى داخلى
* كلمنى عن لوحة الطاحونة ؟
 هى لرجل مربوط مكان الثور وبيلف على الفاضى والحجر خالى من الحبوب وكأنه بيطحن نفسه ويتوهم انه يعمل ويشتغل طبعا احساس فيه بطاله .
*ماهى الازمة التى عجزت امامها ؟
 = لم تأ تى حتى الان لان السجن لم ينل من ارادتى ، موجة الموت الحقيقى فى الاضراب عن الطعام 14يوم ولم اتراجع وهم يحاولون بين القهر والمساومة كل يوم اكون قريب من النهاية ولم تنجح معى.. والفصل منالعمل والسجون كل هذا لم ينجح واخيرا الحريق ونجيت منه والحمد الله.
 * حدثنى عن عزالدين نجيب الانسان ؟
 = هو انسان بسيط جدا ، عادى فى حياتة مطالبة قليلة فى الحياة ،سقف تطالعاتة المدية شديد الانخفاض يعنى ليس لى تطلعات فى الثروة ، فى منصب، فى نفوذ اجتماعى، فى موقع سياسى كل هذة ليس فى ( دماغى) لذلك يكون من السهل اجتياز اى مشكلة لانى لست خسران شى والذى يخسر هذا  على قدر احساسة بالخسارة على قدر ماهو رسم لنفسة ماذا يريد ؟ فايشعر الذى راح من رصيدة وانا رصيدى بيزيد مع المحن، يقل ماديا  ولكن فى الاصل  انا عيش والحياة  عندى طلباتها بسيطة جدا ..من هنا حياتى مستقرة علاقتى طيبة محودة لاانظر باستعلاء الى البسطاء لذلك مشحاسس ان ماحدث لى نال من انسانيتى ..نعم كبرتنى فى السجن شوية ضعضعت قوايا شوية لكن ارادتى الداخلية عمرها 30 عاما رغم بلوغى السبعين  ببساطة انا شخص متوازن ليست عنده مركبات نقص  لانى نولت ماتشتهيه الانفس وواصلت للسلم الوظيفى اى اقصاه وخرجت على المعاش وكيل وزارة  لم تحدث لى هزة السلطة او ان اترك المنصب واخرج بلا نفوذ ..اطلاقا ..كنت خارج باحساس بالحرية وعلاقتى زادت بالعمل لدرجة ان حب الناس لم يتاثر وانتاجى زاد ..من هنا لاتوجد عندى اى مشكلة مع السلطة  ولكن توجد لى مشكلة مع السلطة من نوع اخر .
  *ماهو النوع الاخر مع السلطة ؟
 اناضد السلطة القائمة على زواج المال بالسياسة وكما انا فى ( البلاك لست ) فى نظر الالسلطة ومن المغضوب عليهم .
 * كيف ؟
 = طبعا يترجم الى حرماني من اشياء كثيرة يحصل عليها فنانين اخرين علاقتهم طيبة مع  النظام مثل منح خارجية وجوائز ومقتنيات .. انا من عام 1986 لم احصل على جائزة.
 * هل هذا يعتبر تعنت؟
 = لا.. استبعاد وخاصة اني مستمر في الكتابة النقدية والكتابة في المواقف العامة وفي كل المجلات وفي كل الصحف لاني ناقد و كاتب سياسي عند( اللزوم) واديب لي كتب ومؤلفات ادبية.. يعني ماذا سيفعلون بي الوظيفة وانتهيت منها !!.
  *هل يعتبر هذا ميلاد جديد لفنان؟
=فعلا هذا ميلاد جديد ومع الميلاد الجديد لا تعرف ماذا يخبئ لك القدر.
 ____________________________حوار:مختار البيطار________




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق